فصل: قال مجد الدين الفيروزابادي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال مجد الدين الفيروزابادي:

بصيرة في الجنة:
وهى وما يُشتقّ من مادتها، ترد على اثنى عشر وجها.
الأَوّل: بمعنى التوحيد {وَاللَّهُ يَدْعُواْ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ} قال المفسّرون: أَى إِلى الإِيمان.
الثانى: بمعنى بستان كان باليمن {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ}.
الثالث: بمعنى أَخوين من بنى إِسرائيل {وَاضْرِبْ لهُمْ مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ} الآية.
الرَّابع: بمعنى البساتين المحفوفة بالأَشجار والمياه الجاريات {وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً}.
الخامس: بمعنى رياض الرَّوح والرّضوان.
وبساتين الأَحباب والإِخوان {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ} وهى أَربع جنان.
ثنتان للخواصِّ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} وثنتان لغامّة المؤمنين {وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} وإِحدى هذه الأَربع جنَّة النَّعيم {إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} {أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ} والأُخرى جنَّة الْمَأْوَى {عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى}.
والثالثة: جنَّة عَدْن {فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ} {جَزَآؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ}.
الرّابعة: جنَّة الفِرْدَوْسِ {كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً} ومن جملة الجنان دار السلام، ودار الخلد، وعِلِّيُّون تكملة السبع.
السّادس: الجِنَّة- بكسر الجيم- بمعنى الجنّ {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} {لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}.
السابع: الجِنَّة بمعنى الجنون {أَمْ يَقولونَ بِهِ جِنَّةٌ} {مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ}.
الثامن: الجَنَّ بمعنى السَّتر عن الحاسّة.
يقال: جَنَّة اللَّيل وأَجَنَّه، وجَنّ عليه فَجُنَّ: ستره وأَجَنَّه: جعل له ما يَجنه وجَنَّ عليه كذا، ستره.
والجَنَانُ: القلبُ لكونه مستوراً عن الحاسّة، والمِجنّ والجُنَّة: التُّرْسُ الذي يَجُنّ صاحبه.
التَّاسع: الجنين بمعنى الطَّفل في بطن أُمّه {وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ} والجَنِين أَيضاً: القبر فعيل بمعنى فاعل.
والأَول بمعنى مفعول.
العاشر: الجِنّ.
ويقال على وجهين.
أَحدهما: للرّوحانيّين المستَترةِ عن الحوّاسّ كلِّها بإِزاءِ الإِنس.
فيدخل فيه الملائكة والشياطين.
وكل ملائكةٍ جِنٌ وليس كلّ جنّ ملائكة.
وقيل: بل الجِنّ بعض الروحانيين.
وذلك أَن الرّوحانيّين ثلاثة: أَخْيَارٌ وهم الملائكة، وأَشرارٌ وهم الشياطين، وأَوساطٌ فيهم خيار وشِرار وهم الجِنّ.
ويدلّ على ذلك قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إلى أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ} إِلى قوله: {ومِنَّا القَاسِطُون}.
(والجنون أَمر حائل بين النَّفس والعقل).
الحادى عشر: الجانّ بمعنى الحيّة الصغيرة {كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّى مُدْبِراً}.
الثانى عشر: الجانّ بمعنى أَب الجنّ {وَخَلَقَ الْجَآنَّ مِن مَّارِجٍ} وقيل هو نوع من الجنّ.
الثالث عشر: الجُنَّة التُرْس العريض الوسيع الذي يختفى الرّاجل وراءَه {اتَّخَذْواْ أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً}. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في السورة الكريمة:
قال عليه الرحمة:
سورة النازعات:
قوله جل ذكره: (بسم الله الرحمن الرحيم).
(بسم الله) اسم عزيز لرب عزيز، سماعه يحتاج إلى سمع عزيز، وذكره يحتاج إلى وقت عزيز، وفهمه يحتاج إلى قلب عزيز.
وأنى لصاحب سمع بالغيبة مبتذل، ووقت معطل في الخسائس مستغرق، وقلب في الاشتغال بالأغيار مستعمل أنى له أن يصلح لسماع هذا الاسم؟.
قوله جلّ ذكره: {وَالنازعات غرقاً}.
أي الملائكة؛ تنزعُ أرواحَ الكفَّارِ من أبدانهم.
{غرقاً}: أي إغراقاً كالمُغرِق في قَوْسِه.
ويقال: هي النجوم تنزع من مكانٍ إلى مكان.
{وَالناشطات نَشْطاً}.
هي أنفس المؤمنين تَنْشَط للخروج عند الموت.
ويقال: هي الملائكة تنشِطُ أرواحَ الكفار، وتنزعها فيشتدُّ عليهم خروجُها.
ويقال: هي الوحوش تنشط من بلدٍ إلى بلدِ.
ويقال: هي الأوهاق.
ويقال: هي النجوم تنشط من المشارق إلى المغارب ومن المغارب إلى المشارق.
{وَالسابحات سَبْحاً}.
الملائكة تسبح في نزولها.
ويقال: هي النجوم تسبح في أفلاكها.
ويقال: هي السفن في البحار.
ويقال: هي أرواح المؤمنين تخرج بسهولة لشوقها إلى الله.
{فالسابقات سَبْقاً}.
الملائكة يسبقون إلى الخير والبركة، أو لأنها تسبق الشياطين عند نزول الوحي، أو لأنها تسبق بأرواح الكفار إلى النار.
ويقال: هي النجوم يسبق بعضها بعضاً في الأفول.
{فالمدبرات أَمْراً}.
الملائكة تنزل بالحرام والحلال.
ويقال: جبريل بالوحي، وميكائيل بالقَطْرِ والنبات، وإسرافيل بالصُّور، ومَلَكُ الموت يَقْبِضِ الأرواح.. عليهم السلام.
وجوابُ القَسم قوله: {إِنَّ في ذَالِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى}.
قوله جلّ ذكره: {يوم ترجف الراجفة}.
تتحرك الأرضُ حركةً شديدة.
{تَتْبَعُهَا الرادفة}.
النفخة الأولى في الصُّور.
وقيل: الراجفة النفخة الأولى والرادفة النفخة الثانية.
{قُلُوبٌ يومئِذٍ وَاجِفَةٌ}.
خائفة.
{يَقولونَ أَءِنَا لَمَرْدُودُونَ في الحافرة}.
أي إلى أول أمرِنا وحالنا، يعني أئِذا متنا نبعث ونُرَدُّ إلى الدنيا (ونمشي على الأرض بأقدامنا)؟.
قالوه على جهة الاستبعاد.
{أَءِذَا كُنَّا عِظَاماً نخرة}.
أي بالية.
{قالواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرة}.
رَجْعَةٌ ذات خسران (ما دام المصيرُ إلى النار).
قوله جلّ ذكره: {فَإِنَّمَا هي زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ}.
جاء في التفسير إنها أرض المحشر، ويقال: إنها أرضٌ بيضاء لم يُعْصَ الله فيها.
ويقال: {الساهرة} نَفْخَةُ الصُّور تذهب بنومهم وتسهرهم.
قوله جلّ ذكره: {هَلْ أَتَاكَ حديث مُوسَى إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طوى}.
أي الأرض المطهرة المباركة.
{طوى} اسم الوادي هناك.
{اذْهَبَ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تزكى}. قلنا له: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}، فقل له: هل يقع لك أَنْ تؤمِنَ وتتطهر من ذنوبك.
وفي التفسير:
لو قُلْتَ لا إله إلا الله فَلَكَ مُلْكٌ لا يزول، وشبابك لا يهرم، وتعيش أربعمائة سنةٍ في السرورة والنعمة.. ثم لك الجنة في الآخرة.
{وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى}.
أُقَرِّرُ لك بالآيات صِحَّةَ ما أقول، وأعرفك صحة الدين.. فهل لك ذلك؟ فلم يَقْبَلْ.
ويقال: أظهر له كل هذا التلطُّفَ ولكنه في خَفِيِّ سِرِّه وواجبِ مَكْرِه به أنه صَرَفَ قلبَه عن إِرداة هذه الأشياء، وإيثار مرادِه على مراد ربِّه، وألَقى في قلبه الامتناعَ، وتَرْكَ قبولِ النُّصْح.. وأيُّ قلبٍ يسمع هذا الخطاب فلا ينقطع لعذوبه هذا اللفظ؟ وأيَّ كَبِدٍ تعرف هذا فلا تَتَشَقَّقُ لصعوبة هذا المكر؟.
قوله جلّ ذكره: {فَأَرَاهُ الأُيَةَ الْكُبْرَى}.
جاء في التفسير: هي إخراجُ يده بيضاءَ لها شعاعٌ كشعاع الشمس. فقال فرعون: حتى أشاوِرَ هامانَ، فشاوَرَه، فقال له هامان: أبعد ما كُنْتَ ربًّا تكون مربوباً؟! وبعد ما كنت مَلِكاً تكون مملوكاً؟
فكذَّبَ فرعونُ عند ذلك، وعَصَى، وجَمَعَ السَّحَرَة، ونادى:
{فَقال أنا رَبُّكُمُ الأَعلى}.
{فَقال أنا رَبُّكُمُ الْأَعلى (24)}
ويقال: إنَّ إبليس لمَّا سَمِع هذا الخطابَ فرَّ وقال: لا أطيق هذا! ويقال: قال: أنا ادَّعَيْتُ الخيرية على آدم فلقيت ما لقيت.. وهذا يقول: {أَنَاْ رَبُّكُمُ الأَعلى}.
قوله جلّ ذكره: {إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى}.
أي في إهلاكنا فرعون لَعِبْرَةً لمن يخشى.
قوله جلّ ذكره: {ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا}.
{فَسَوَّاهَا} جعلها مستوية.
{وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا} أظلم ليلها.
{ضُحَاهَا} ضوؤُها ونهارها.
{دحاها} بَسَطَها وَمدَّها.
{أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا}.
أخرج من الأرض العيون المتفجرة بالماء، وأخرج النبات..
{وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا}.
أَثْبَتَها أوتاداً للأرض.
{مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ}.
أي أخرجنا النبات ليكون لكم به استمتاع، وكذلك لأَنعامِكم.
{فَإِذَا جَاءَتِ الطَآمَّةُ الْكُبْرَى}.
الداهية العُظمى.. وهي القيامة.
{يوم يَتَذَكَّرُ الإِنسَنُ مَا سَعَى}.
وبرزت الجحيم لمن يرى، فأمَّا من طغى وكَفَرَ وآثر الحياة الدنيا فإنَّ الجحيمَ له المأوى والمُسْتَقَرُّ والمثوى.
{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى فَإِنَّ الجَنَّةَ هي المَأْوَى}.
{مَقَامَ رَبِّهِ}: وقوفه غداً في محل الحساب. ويقال: إقبالُ الله عليه وأنَّه راءٍ له.. وهذا عينُ المراقبة، والآخَر محلُّ المحاسبة.
{وَنَهَى النَّفْسَ عِنِ الْهَوَى} أي لم يتابع هواه.
قوله جلّ ذكره: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}.
أي متى تقوم؟
{فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا}.
مِنْ أَين لك عِلْمُها ولم نعلمك ذلك.
{إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَآ}.
أي إنما يعلم ذلك ربُّكَ.
{إِنَّمَآ أَنتَ مُنِذِرُ مَن يَخْشَاهَا}.
أي تخوِّف، فيقبل تخويفَك مَنْ يخشاها ويؤمن.
{كَأَنَّهُمْ يوم يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}.
كانهم يوم يَرَوْن القيامة {لَمْ يَلْبَثُواْ عِشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} فلشدة ما يرون تقل عندهم كثرةُ ما لبثوا تحت الأرض. اهـ.